Admin Admin
عدد المساهمات : 425 نقاط : 50293 السٌّمعَة : 2 تاريخ التسجيل : 05/06/2011
| موضوع: الإبل.. سفنٌ إذا مشت.. نخلٌ إذا وقفت الخميس يونيو 16, 2011 2:16 pm | |
| [size=21]إعداد: أحمد بن محارب الظفيري قال الله تعالى في محكم كتابه المبين مخاطباً العرب اصحاب الإبل لينظروا اليها ويتدبروها ويتأملوها لانهم اعرف الناس بها فحبها متأصل في ضمائرهم وعقولهم: "أفلا ينظرون الى الإبل كيف خلقت" سورة الغاشية - الآية 17 . والإبل في حياة العرب عز خالد وأدب سائد على مر العصور وتعاقب الاجيال, والطالب والدارس لآداب العرب ومعـــارفها مــــن لغة وشعر ونثر, سيجد أمامه سيلاً هائلاً مـــن المفردات والاشتقاقات والمعاني المتــعلقة بالإبـل ونشاطاتها المختلفة المتداخلة مع حياة العرب الذين هـــم بالأساس التـاريخي اهــل نجعة وانتواء وتتبع لمساقط الغيث لانهم اهــل صـحراء وإبل وبيوت شعر وعمد وعماد والبعير هو محور حياتهم ومركز الأمــن والأمــان لهذه الحياة الصحراوية المضطربة. صفات خالدة يقول عرب اليوم, في جزيرة العرب مثل ما قال اجدادهم عرب الجاهلية والاسلام في وصفهم للابل: "الابل سفن اذا مشت ونخل اذا وقفت" وفعلاً اذا رحل العرب من منزلهم وحملوا ابلهم ببيوت الشعر والقش "القش: الاثاث والاوعية والفرش التي يحتويها البيت" ووضعوا الهوادج المجنحة على ظهور الجمال المخصصة لحملها, وفي داخل هذه الهوادج تركب النساء والفتيات والأولاد الصغار, وتبطن هذه الهوادج من الداخل ويلف حولها من الخارج انواع من البسط والاقمشة الملونة التي يغلب عليها اللون الاحمر, ومن ينظر الى ظعون العرب من مسافة بعيدة وهي سائرة على رمال الصحراء يراها وكأنها "سفن تمخر عباب الصحراء": قال ذو الرمة في ناقته صيدح: "سفينة برِّ تحت خدي زمامها". وتقول معاجم لغة العرب: ان السفينة سميت بهذا الاسم لانها تسفن وجه الماء اي تقشره, والاسم مأخوذ من "السفن" وهو الفأس التي يقشر بها النجار الخشب, وقيل للبعير: سفينة الصحراء لانه يسفن الرمل اي يقشره. قال المثقب العبدي يصف الجمال بالسّفين "جمع سفينة": "كأن حدوجهن على سفين" اي كان الحدوج - جمع حداجة - وهي مراكب خشبية تشد على ظهور الجمال لتثبيت الاحمال عليها, كأن هذه الحدوج على سفن". اما اذا وقفت ظعون العرب عن المسير, اي وقفت هذه الابل التي تحمل على ظهورها البيوت والاثاث والهوادج المرتفعة والمتجنحة حينئذ تظهر لعين الرائي من بعيد وكأنها "نخيل واقفة" ونستمع الى هذا الشاعر العربي الجاهلي وهو يصف ظعون الحي بنخل زارة, يقول: وكأن ظعن الحي مدبرة نخل بزارة حمله السعد الزارة: فرضة ومدينة لها ذكر في معاجم البلدان العربية, تقع على سيف هجر "الاحساء" اكثر غلتها التمر والسمك فتحت سنة 12 هـ في خلافة ابي بكر الصديق - رضي الله عنه - وهي قريبة من القطيف وسكانها من عبدالقيس حُرّقها ابوسعيد الحسن بن بهرام الجنابي القرمطي (قتل 301 هـ 913م) وبعد تحريقها سماها العرب بـ"الرمادة". السعد - بضم السين والعين ضرب من التمر اشتهرت به مدينة الزارة. اللون الأحمر مفضل عند الاعراب الاوائل والاواخر: اللون الاحمر مرغوب جداً عند عربان البوادي الحاليين مثلما هو مرغوب عند اجدادهم عربان البوادي الاقدمين, ولقد صدق ابوالطيب المتنبي (قتل 354 هـ 965م) حينما وصف حبهم اللون الاحمر قائلاً: من الجاذر في زي الاعاريب حمر الحلي والمطايا والجلابيب الجآذر: جمع جؤذر وهو ولد البقرة الوحشية (المهاة) ويسميها عرب اليوم الوضيحية والذكر وضيحي. خمر الحلي: حليتهن الذهب الاحمر, حمر المطايا: لون الجمال التي تحمل هوادجهن احمر وهو اللون المفضل, حمر الجلابيب: اي عليهن ثياب حمراء, والثوب الاحمر في عرفهم هو ثوب الملكة والاميرة. ويقول الامير الشاعر عبدالقادر بن محيي الدين الحسيني الهاشمي الجزائري (ت 1300هـ 1883م): يوم الرحيل اذا شدت هوادجنا شقائق عمها مزن من المطر فيها العذارى وفيها قد جعلن كوى مرقعات باحداق من الحور يشبه الامير عبدالقادر الهوادج بشقائق النعمان وهو ورد احمر جميل, وهذه الهوادج الحمراء التي تشبه ورد الشقائق تعمها امطار من المزن, والامير عبدالقادر هو أمير الريف والبادية في الجزائر, وعاش فترة من عمره منفياً في الشام تجول خلالها في بادية الحماد السوري مع عربان البادية. ميزة البعير: البروك والهودجة: البعير هو الحيوان الوحيد من ذوات الاربع قوائم الذي يتبرك فيحمل عليه الحمولة بينما غيره من الحيوانات الاخرى ذوات الاربع لا يحتمل عليها الا وهي قائمة, وهذه الميزة المهمة جعلت البعير هو الحيوان الاول المفضل في نقل البضائع والتجارات منذ فجر التاريخ والبعير يبرك "ينوخ على الارض من تلقاء نفسه, او عندما يأمره صاحبه بذلك لركوبه او تحميل الاحمال فوق ظهره, فالبعير اذا تعب من المشي برك "نوخ" واذا شبع من المرعى برك, واذا رجعت الابل من الفلاة الى بيت اهلها بركت قرب البيت وامرحت "نامت" في مراحها "مراح الابل: مكان مبيتها". في معاجم اللغة: أناخ الرجل البعير فاستناخ أي برك البعير بروكاً, ونوخ البعير اي برك البعير, ونخنخ الرجل البعير اي زجره بقوله اخ اخ حتى استناخ. والبعير هو الحيوان الوحيد الذي يمكن هودجته والسفر عليه بكل سهولة ويسر, فعند الرحيل تنوخ "تبرك" الابل المعدة للشيل والحمل والهودجة, وتوضع عليها الاحمال والهوادج, وفي هذه الهوادج تركب النساء والاطفال ومعها اغراضها وحاجياتها وعندما يسير البعير يبدو جسمه شبه مستقر فهو يتمايل الى الامام والى الخلف, وهذا التمايل المريح سببه حركة قوائمه فهي تتحرك على الارض بحركة تبادلية فكل جانب منها يتحرك مع بعض, فاليد اليمنى والرجل اليمنى تتحركان مع بعض وكذلك اليد اليسرى والرجل اليسرى تتحركان مع بعض ثم لا تنسى ان مفاصل قوائمه متعددة واقدامه على شكل اخفاق منبسطة لا تغوص في الرمال والاتربة, كل هذه الامور مكنت البعير من امتصاص ضربات اقدامه على الارض فلا يصل منها اي شيء الى الراكب على ظهره على عكس الحصان او البغل او الحمار فضربات اقدامها تصل الى قلب راكبها, ومازالت اذكر وانا طفل صغير ان مكاني المفضل عند الرحيل هو هودج والدتي -رحمة الله عليها - اقضي فيه وقت السفر نائماً او مستمعاً لحكايات الاطفال التي تحكيها لي والدتي, انها ذكريات ايام زمان. نجائب الإبل مفتاح درر الشعر والقصائد العصماء شاعر من عرب الجاهلية الاقدمين يصف ناقة ركوبه الذلول الاصيلة قائلاً: و"جسرة" لا يكاد الطرف يدركها راحت تلاطم جلموداً بجلمود الجسرة: الناقة الطويلة الضخمة, السريعة في سيرها. ونستمع الى شاعر من العرب الاواخر وهو الشيخ عجلان بن رقال من شيوخ شمر وهو يصف ذلوله الحمراء بهذه الابيات من قصيدة شعبية: يا راكب "حمرا" عليها السليمي حط القطيمة فوق ساقه وداره "حمرا" تضيم الدو ما تستضيمي تلقى العتاري حاشيات عذاره حصا وبر مقدم بدن عنق ريمي دمثا وشد العقيلي فقاره اول نهاره ظلها له جريمي والعصر تقل ينهشنه سعاره السليمي: وسمها. القطيمة: سفيفة ملونة. الدو: البر الواسع. العتاري: جمع عترة, مؤخرة الرقبة. عذاره. ورقبتها. حصا وبر: ملساء الجسم من دون وبر, مقدم بدن: مقدمتها مقدمة المها "بقر الوحش". عتق ريمي: عنقها مثل عنق الريم. دمثا: لينه, سهلة الركوب, العقيلي: الخرج الملون والشداد المقمر في البيت الرابع: يصف سرعتها فهي في اول النهار كأن ظلها على الارض لها جريم "عدو" لا يستقر الظل على الارض من سرعتها الفائقة, وفي العصر تزداد سرعتها فكأن ينهشها سعار او حيوانات مسعودة. وهذا ابو الحارث الملك الضليل الشاعر امرؤ القيس حندج بن حجر الكندي (مات نحو 80 ق.هـ 545م) يصف ذلوله الجسرة التي حملته الى ملك الروم في القسطنطينية: فدع ذا وسلّ الهم عنك بجسرة ذمول اذا صام النهار وهجرا تقطع غيطانا كأن متونها اذا اظهرت تكسى ملاء منشراً كأن صليل المرو حين تشذه صليل زيوف ينتقدن بعبقرا ناقة ذمول: هي التي تسير سيراً سريعاً ليناً, الغيطان: جمع غائط وهو المنحدر المنخفض من الارض, المرو: جمع مروة, وهي حجر ابيض براق يقدح منها النار تشذه: تفرقه. شاعر شعبي من العرب الاواخر, يرسل نديبه "مندوبه" الخاص على جمل اشعل ليدور له المكان الذي تقطن فيه حبيبته يصف هذا الجمل الاشعل قائلاً: يا نديبي فوق منبوز الفقاره اشعل وحبال كوره كالفاتي اشعل يرعى نواوير القفاره ما علاه الشد من عشر سنواتي كن في عينه من الفرقى شراره او مخاليب الوحوش الطايراتي نبي ندور صاحبي ظبي الزباره ابوعيون سود نجل مدعجاتي الجمل الاشعل: هو الذي لونه بني فاتح "عسلي" والناقة: شعلاء وشعيلة. في البيت الاول: يصف هذا الجمل الاشعل بأنه سمين منبوز فقار الظهر, وحبال الشداد (الكور) كالفات متقنات. وفي البيت الثاني: هذا الجمل يرعى نواوير وازاهير القفر, ولم يمسه الحبل منذ عشر سنوات. وفي البيت الثالث: كأن في عينيه من الفراق شرارة مشتعلة, او كان يضربهن مخالب الطيور الضواري اي تزداد سرعته بسبب هذه الطيور الجارحة التي تحاول ان تؤذيه والبيت الرابع: يبغى يفتش على صاحبه ظبي الزياره ابوالعيون السود النخل المدعجات. كعب بن زهير بن ابي سلمى المزني (ت 24 هـ 662م) امتدح الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - بقصيدة راقية رائعة, فخلع عليه بردته الشريفة, بدأ الشاعر قصيدته بوصف ناقته الذلول النجيبة التي اوصلته الى الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - نقتطف لكم بعض الابيات في وصف هذه الناقة: امست سعاد بأرض لا يبلغها الا العتاق النجيبات المراسيل ولن يبلغها الا عذافرة فيها على الأين ارقال وتبغيل من كل نضاحة الذفري اذا عرقت عرضتها طامس الاعلام مجهول ترمي الغيوب بعيني مفردٍ لهقٍ اذا توقدت الحزان والميل ضخم مقلدها فعمٌ مقيدها في خلقها عن بنات الفحل تفضيل غلباء وجناء علكوم مذكرة في دفها سعة قدامها ميل يمشي القراد عليها ثم يزلقه منها لبان واقراب زهاليل راشد بن عبدالله بن ادياس المكنى بأبي دباس, من اهل عودة سدير في نجد عاش في النصف الاول من القرن الثالث عشر الهجري, له قصيدة طويلة معروفة يخاطب فيها ابنه دباس الذي هاجر الى البصرة طلبا للرزق.. نقطتف لكم بعض الابيات التي وصف فيها ذلوله الوجناء العرماس الحمراء التي تصل ولده في ديار الغربة ويقول: لا ركب على وجناء من الهجن عرماس فج النحر يا ادباس حمرا ظهيره متروسة الفخذين مزبورة الراس كن الخلاص عيونها يوم اديره شبه ربدا تخفق بالاوناس وان رفعت جنحانها مستذيره تنشر من العوده على نور الانفاس عند الفجر والليل مقفى مريره والعصر بالصمان تسمع لها اضراس حبل الرسن خطر تبتر جريره نهار ثالث بين حما والافراس واره يمينك جعلها لك سفيره ربداء: نعامة الصمان: ارض معروفة بجانب رمال الدهناء - حما والافراس ووارة: اسماء اماكن معروفة من ارض دولة الكويت ملاحظة: الشعر الشعبي الذي نستشهد به هو الشعر السائد والشائع في جزيرة العرب, قال عنه ابن خلدون (ت 808هـ 1405م): ان كلماته موقوفة الاخر تلازم السكون ولا تلتزم بحركات الاعراب ويعرف الفاعل من المفعول به والمبتدأ من الخبر من سياق الكلام, وسماه بـ "الشعر البدوي". من "سوق" الابل جاء "سوق" النساء العربيات اذا تزوج احدنا سأله صديقه قائلا: كم سوقك او سياقك لزوجتك? اي كم دفعت لها مهرا او كم دفعت لها صداقا? فيقول: سوقي او سياقي خمسة الاف دينار واذا رجعنا لمراجع ومعاجم اللغة العربية لوجدناها تقول ان اصل الصداق والمهر عند العرب هو الابل لانهم يسوقون عددا من الابل مهرا للمرأة عند الزواج بها, وسموا ما يقدمونه من مهر وصداق باسم "السوق والسياق" اي سوق وسياق الابل لان العرب بالاساس التاريخي هم بداة (أهل بادية) والابل كانت الغالب على حلالهم واموالهم وبعد مجيء الاسلام العظيم تحضروا وسكنوا المدن والقصور, واستعملوا الدرهم والدينار في معاملاتهم ولكن اللافت للنظر ان كلمة "السوق" و"السياق" لم تنقطع او تنقرص من حياتهم بل بقيت على السنتهم حتى هذا اليوم بمعناها القديم "المهر" و"الصداق" علما بأنهم لا يسوقون ابلا وانما يدفعون دراهما ودنانيرا وذهبا للمرأة عند الزواج بها وذكر ابو عثمان الجاحظ عمرو بن بحر (ت 255هـ 869) في كتابه "الحيوان": ان كلمة السياق او السوق بمعنى المهر والصداق عند العرب اصلها من الابل فهي التي تساق ثم استعمل ذلك في الدرهم والدينار وغيرهما ولا تنسى ان الجاحظ عاش ايام الحضارة العربية الزاهية في العهد العباسي وجاء في الحديث الشريف الذي ذكره كمال الدين للديري (ت 808هـ 1405م) في كتابه "حياة الحيوان الكبرى" "لا تسبوا الابل فان فيها رقوء الدم ومهر الكريمة" و"رقوء الدم" هو سكونه وجفافه وانقطاعه والمعنى هو دفع الديات وحقن الدماء واصلاح ذات البين - و"مهر الكريمة" هو صداق المرأة حين الزواج ولقد ادرك كاتب هذه السطور ايام الصبا والشباب, الدور المهم للابل بين افراد قبيلته فهي العملة النفيسة التي بواسطتها تدفع الديات وتتم الزواجات وتقطع المفازات. شيوخ العربان يسوقون الابل عطايا الله مهرا للحرائر: وهذا شيخ قبيلة العجمان الفارس الشاعر راكان بن فلاح ان حثلين (ت 1310هـ 1892) في ايام شبابه عندما عشق احدى بنات القبيلة, يطلب من اهله ان يسوقوا شقح الابكار (الفتيات من الابل ذات اللون الابيض المشوب بحمرة) اللواتي يشبهن القنوف (السحابة البيضاء) التي فيها البرق يلوح, والسبب الذي يجعله يسوق هذا المهر الغالي لفتاته لان اهلها قروم طلق الوجوه كسابة للعلياء, طيور (صقور) الفلاح (السعد) هذا هو معنى البيتين من قصيدة شعبية طويلة: سوقوا بها "شقح الابكار" الملاهيق مثل القنوف اللي بها البرق لاحي ترى لها رجال قروم مطاليق كسابة العليا طيور الفلاحي وهذا شيخ قبيلة الشرارات الفارس الشاعر خلف بن دعيجا يعطي ذود (قطيع) ابله الى محسن السرحاني الذي استنجد به ليساعده على الزواج من الفتاة التي احبها وهام بعشقها يقول خلف: ان كان "ذودي" للحبيب يجبني دونك نياقي قدّ لهن بالتحامي البيض قبلك يا محيسن سلبني سلب الهوا لرهيفات الخيامي منقول من السياسية الكويتيه [/size] | |
|
parting tear عضو مميز
عدد المساهمات : 100 نقاط : 49020 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 01/07/2011 العمر : 28
| موضوع: رد: الإبل.. سفنٌ إذا مشت.. نخلٌ إذا وقفت السبت يوليو 02, 2011 9:38 am | |
| | |
|